يرى البروفيسور مارك ويلر أن وقف إطلاق النار في غزة وإطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين والفلسطينيين يشكلان حدثًا استثنائيًا، لكنه يؤكد أن ما جرى لا يُمثل تسوية سلام حقيقية في الشرق الأوسط، بل مجرد هدنة مؤقتة تُقدَّم كإنجاز سياسي للرئيس الأمريكي دونالد ترامب. فترامب يعتبر هذا التطور نهاية الصراع الفلسطيني، ويروج لرؤية شاملة يتخيل فيها أن اتفاق غزة سيكون بداية لسلسلة من اتفاقيات أبراهام جديدة، تليها مرحلة اندماج اقتصادي وأمني بين إسرائيل وجيرانها، تُنهي عقودًا من الأزمات الإقليمية. لكن الكاتب يشير إلى أن الواقع لا يعكس هذه الطموحات.

توضح تشاتام هاوس أن قمة شرم الشيخ في 13 أكتوبر، التي جمعت الولايات المتحدة ومصر وقطر وتركيا، لم تنتج اتفاق سلام فعليًا، بل كانت احتفالًا سياسيًا بإنجازات ترامب. فقد صدرت ثلاثة وثائق فقط حتى الآن، أولها الخطة الأصلية ذات النقاط العشرين بتاريخ 29 سبتمبر، وهي مجموعة مبادئ عامة لم تُوقّع ولا يمكن تنفيذها دون تفاصيل إضافية. أما الوثيقة الثانية، المسماة "خطوات التنفيذ" في 9 أكتوبر، فأعلنت رسميًا انتهاء الحرب في غزة عبر اتفاق هدنة يشمل وقف القتال، وتسهيل المساعدات الإنسانية، وانسحاب إسرائيل من مناطق محددة، وتبادل الأسرى. وقع الطرفان على الاتفاق مع الوسطاء، ودخل حيز التنفيذ بعد موافقة الحكومة الإسرائيلية في 10 أكتوبر.

أما الوثيقة الثالثة، "إعلان ترامب للسلام الدائم والازدهار"، وُقعت في شرم الشيخ من جانب الولايات المتحدة ومصر وقطر وتركيا فقط، دون مشاركة إسرائيل أو حماس. يصف الكاتب الإعلان بأنه فارغ من المضمون، لأنه يكتفي بالتعبير عن الأمل في السلام دون أي التزامات عملية أو آليات تنفيذ. وهكذا، لا يوجد اتفاق سلام حقيقي، بل مجرد وقف لإطلاق النار وخارطة طريق غامضة.

يشير ويلر إلى أن عمليات صنع السلام عادة تبدأ بإعلان مبادئ يحدد الأسس العامة، ثم تتطور إلى اتفاق إطار يوازن مصالح الأطراف، يعقبه ملاحق تفصيلية وخطط تنفيذية تحت إشراف قوة دولية. أما في خطة ترامب، فقد فرضت واشنطن الأسس من الخارج، دون قبول كامل من الطرفين، اللذين خضعا لضغوط من قوى غربية وإسلامية وعربية.

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أعلن موافقته على الخطة، لكنه في الوقت نفسه رفض فكرة الدولة الفلسطينية التي تنص عليها، كما رفض أي دور للسلطة الفلسطينية في إدارة غزة. في المقابل، وافقت حماس على الانسحاب من المشهد السياسي في القطاع، لكنها تسعى لتغيير اسمها أو إعادة تقديم نفسها حتى تحتفظ بنفوذ غير مباشر وتشارك في أي سلطة فلسطينية مُعادة التشكيل.

الكاتب يوضح أن حماس لم تلتزم بنزع سلاحها الكامل، وهو ما دفع ترامب إلى التهديد بـ"نزع سلاحها بالقوة عند الضرورة"، من دون تحديد الجهة التي ستنفذ ذلك، لأن القوة الدولية المقترحة في الخطة لم تتشكل بعد. وهذا الغموض، في رأيه، يهدد بتحويل الهدنة إلى فراغ سياسي وأمني.

وفي حين يرى البعض أن استبعاد حماس من مفاوضات السلام أمر ضروري، يحذر ويلر من أن فرض ترتيبات الحكم في غزة بقرار دولي، دون مشاركة فلسطينية فعلية، سيجعل السكان المحليين يتنصلون من المسؤولية. فالسلطة الفلسطينية، رغم النص على دورها المستقبلي بعد الإصلاح، لا تحظى بقبول شعبي واسع ولا بثقة الأطراف، مما يجعلها شريكًا ضعيفًا في أي عملية سلام قادمة.

يقترح بعض المقربين من ترامب إنشاء "مجلس السلام" الدولي برئاسته للإشراف على شؤون غزة خلال المرحلة الانتقالية، مع الاستعانة بمقترحات معهد توني بلير الذي وضع تصورًا تفصيليًا للإدارة المدنية والأمنية للقطاع. لكن الكاتب يشير إلى أن هذه الصيغة تُكرس الإشراف الأجنبي وتهمّش الفلسطينيين أنفسهم، ما يجعل السلام هشًا ومفروضًا أكثر من كونه نتاج تفاوض حقيقي.

في المحصلة، يرى البروفيسور مارك ويلر أن خطة ترامب تفتقر إلى الأسس التي تجعلها اتفاق سلام دائمًا. فبدل أن تنهي الصراع، تفتح الباب أمام جولة جديدة من التوترات بسبب غياب رؤية فلسطينية موحدة، ورفض إسرائيل التنازلات السياسية، وإصرار واشنطن على لعب دور الوسيط والمقرِّر في آن واحد. هذه التركيبة، برأيه، تجعل "سلام ترامب" أقرب إلى هدنة سياسية مؤقتة مغطاة بخطاب دعائي، لا إلى تسوية شاملة تعالج جذور النزاع.
 

https://www.chathamhouse.org/2025/10/trumps-gaza-plan-still-not-complete-peace-settlement